أخبار الفن

قصة تد مير الحفار الإسـ ـرائيلي في ساحل العاج: «حفلة ماجنة» تحـ ـمي البترول المصري من الخـ ـطر الصهـ ـيوني

في ظل ارتفاع الروح المعــــ.ــــنوية للجانب الإسـ ـرائيلي أعقـــ.ــــاب حر ب 1967، أعلن مسؤولو تل أبيب بعد عامين اعــــ.ـــتزام التنقيب عن البترول في سيناء.

لتستأجر مباشرة حفارا أمريكيا يؤدي الغرض فيما بعد في خليج السويس. تلك المعلومات وردت على وجه السرعة إلي المخـ ـابرات الحر بية.

حسب المنشور بموقع «المجموعة 73 مؤرخين»: «وجود حفار اسمه (كينتنج 1) يعبر المحيط الأطلنطي في طريقه للساحل الغربي لإفريقيا .

للتوقف في أحد موانيها للتزود بالوقود، ثم اتخاذ طريقه إلي الجنوب ليدور حول القارة الأفريقية ويتجه إلى البحر الأحمر ثم إلي خليج السويس».

من واقع ما كشفت عنه المعلومات قرر الرئيس جمال عبدالناصر تد  مير الحفار قبل وصوله إلي خليج السويس، رغـــــ.ـــــم ما قد تسببه تلك العملية من أضرار.

لأن الحفار صنعته شركة إنجليزية وتمتلكه أخرى أمريكية، في حين أنه مؤجر للكيان الصهــــ.ــــيوني ويتم سحبه في مياه المحيط بقاطرة هولندية، كما أن الإجهاز عليه سيكون في دولة أفريقية.

في نهاية عام 1969 كان الرائد بالمخا  برات الحر  بية، أنور عطية، مسئولًا عن البحرية الإسرائ يلية في فرع المعلومات بالجهاز ووردت إليه المعلومات السابقة، وتتبع أخبار الحفار إلى أن علم بوقوفه في ميناء «دكار» في السنغال.

يروي «عطية» لـ«المجموعة 73»: «أبلغني اللواء محرز مدير المخا  برات الحر  بية وقتها بأن أذهب لإلقاء محاضرة عن الحفارات البحرية في هيئة الخد  مة الســ.ـــــــرية بالمخا  برات العامة، وحينما ذهبت اكتشفت أنها لم تكن محاضرة ولكنه كان اجتماعا على أعلى درجة من الســـ.ـــــرية».

وتابع: «كان يضم رئيس هيئة الخد  مة الســـ.ـــــرية في المخا  برات العامة، ورئيس هيئة المعلومات والتقديرات، وأحد ضباط المخا  برات الحر  بية المتخصص في أعمال النســـ.ـــــف والتد   مير، وبعد التعارف بدأ رئيس هيئة المعلومات والتقديرات في افتتاح الاجتماع وقال: (تقرر التعامل مع الحفار كينتنج 1 الموجود في دكار)».

أبدى «عطية» في ذلك الاجتماع، المنعقد في يناير 1970، تحفظه على فكرة التد  مير، وبرر للقيادات: «سنستكمل دفاعنا الجوي في شهر مارس عام 1970 وحاليا غير قادرين على استيعاب رد فعل إسرا  ئيل للتصـــــ.ـــعيد البترولي، كما أننا في غنى عن استعداء دول أخري مثال السنغال وهولندا مالكة القاطرة».

أصرت القيادات على تنفيذ العملية، وهو ما دفع «عطية» إلى وضع خطة التنفيذ المتمثلة في: «اختيار مجموعة من الضفادع البشرية والاستعانة بألغا   م طورتها القو  ات البحرية المصرية بإضافة ساعة توقيت لها، على أن تسافر مجموعة التنفيذ تحت سواتر مختلفة وكل فرد فيها يسافر بصفة تختلف عن الآخر، ويتسللون إلي الميناء الموجود به الحفار ويضعون الألغـــــ.ـــــــــام تحت جسمه لتفـــــ.ـجيره».

تلتها 3 خطط بديلة كانت أولاها: «استدعاء إحدى سفن الصيد المصرية من أعالي البحار ووضع طاقم الضفادع البشرية والألغــ.ـــــام عليها، ويتتبعون الحفار لاسلكيا في المحيط وحينما يدخل أي ميناء يدخلون وراءه ويلغــــ.ــــمونه».

الخطة البديلة الثانية تمثلت في استئجار يخت في الميناء الموجود به الحفار، ويقيمون فيه حفلة ماجنة فوق اليخت وأثناء الحفل ينزل أفراد الضفادع لتلــــ.ـــــغيم الحفار ثم يرحلون باليخت، أما الأخيرة فكان مقررا تنفيذها في حال هر  وب الحفار من المخا  برات المصرية، وهي: «ضر  ب الحفار بالمدا   فع الآر بي جي عند دخوله البحر الأحمر، لوجود الصاعــ.ـــــقة البحرية والضفادع البشرية المدربين على هذه المدا  فع».

أضاف حينها رئيس هيئة المعلومات والتقديرات خطة خامسة: «تخرج طائرة مصرية تتمركز في ميناء عدن ويتم ضر   ب الحفار بالطيران في حالة هر  وبه من كل المراحل السابقة».

يقول «عطية» إنه لم يكن لديه أي معلومة عن الحفارات البحرية، حينها خطرت له فكرة ارتداء الزي العســــ.ــــكري والتوجه إلي المهندس علي والي، رئيس هيئة البترول آنذاك، وأخبره حينها: «أنا مهندس بحري وأعد رسالة ماجستير عن بناء السفن، وينقصني جزء خاص بالحفارات البحرية وليس لدي أي فكرة عنها».

استطاع بالفعل أن يجمع المعلومات عن الحفارات البحرية، بالتحديد «كينتنج 1» المستهدف، ومن أمده كان شخصا أمريكيا وصل إليه من خلال المهندس علي والي.

اجتمع بعدها بالنقيب فتحي أبوطالب المتخصص في النســـ.ـــــف والتد  مير، ووضعا سويا خطة نســ.ــــف الحفار، واتبعها باختيار الرجال المعنيين بالتنفيذ، كان أولهــــ.ـــــم الرائد خليفة جودت، ثم توجه إلى اللواء محمود فهمي قائد القوات البحرية وقتها، مبلغا إياه بالمهـــ.ــــــمة.

انتحــ.ـــل كل فرد في فريق التنفيذ، المكون من 6، شخصيات وهــــ.ــــمية، على أن يخبروا الآخرين بأنهم على سفر بدافع عملهم كمستشارين بالخارجية، أو من مؤسسة دعم السينما بحجة تصوير فيلم سينمائي مصري، واثنان ادعيا أنهما معلمان، وآخر موظف بشركة النصر للتصدير والاستيراد.

أردف «عطية»: «كان من المقرر أن نحمل معنا أربعة ألغام وستة أجهزة تفجير من القاهرة إلى داكار مع الوقوف ترانزيت بمطار أمستردام، لعد   م وجود خطوط طيران مباشرة بين القاهرة والدول الأفريقية وقتها وكنت أنا الذي سيحمل الألغــــ.ـــــام، على أن يسافر الباقون على دفعات وسبقنا إلى داكار محمد نسيم وأحمد هلال».

اعتبر عملية نقل الألغـــ.ــــــام من مصر إلى «داكار» من أخطر خطوات العملية: «الألغــ.ـــــام داخل كل واحد منها 16 كيلو جراما من مادة T.N.T وهي أربعة، وكان معي ستة أجهزة تفــــــ.ــجير حساسة جدا يمكن أن تنفــ.ـــــجر من أي احتكاك بالإضافة إلي ملابس الضفادع البشرية»، ليوضح: «وضعت المخا برات العامة التي وضعت الألغــ.ــــام والملابس والمعـــ.ــــدات في حقائب، مع تغطية الألغـــ.ــــــام بمادة تمنع أي أجهزة للكشف عن الحقائب من كشف ما بداخل الحقيبة، ووضعت أقلام التفــــــ.ــجير داخل علبة أقلام أنيقة جدا داخل جيب الجاكيت الذي ارتديه».

ما أن وصل «عطية» إلى مطار «داكار» فوجئ باستقبال ضا  بط المخا  برات الشهير محمد نسيم له هناك، لكنه حمل إليه خبرا صاد  ما: «قال لي إن الحـــ.ــــفار غادر داكار.. كانت صد  متي لا توصف».

من المقرر أن يتوجه عطية إلى «فرانكفورت» بألمانيا ومنها إلى مصر، لكن مكتب مصر للطيران أُغلق بعد ساعات من وصوله إثر تفــــ.ــــجير طائرة تابعة للخطوط الجوية الألمانية حينها، ليبقى «عطية» في المطار بألمانيا ومعه المتــــ.ـــفجرات، قبل أن يلاحظ أحد الضبا  ط الألمان وقوفه لمدة طويلة، حينها طالبه بضرورة خروجه من المطار، إلا أن «عطية» أبلغه بانتظاره لأي رحلة تقله إلى دولة فيها تمثيل دبلوماسي مصري لحمله أوراقا هامة، إلى أن وصلت طائرة متوجهة إلى أثينا فاستقلها.

Image result for ‫حفار أبيدجان‬‎

من أثينا عاد «عطية» إلى القاهرة، وفيها اجتمع بقيادات المخابرات الذين أمروه بالبحث عن المكان الجديد للحفار، وهي الرحلة التي بدأها من شمال القارة حتى جنوبها، في حين شرع محمد نسيم في نفس المهمة لكن من الجنوب إلى الشمال.

يحكي عن سفره للمرة الثانية: «سافرت على أني مستشار بالخارجية وكان لابد لي أن أدخل كل الحانات وأتعرف على كل الناس وأقيم علاقات معهم، حتى أني في إحدي المرات تعرفت على مدير الحركة في ميناء (فري تاون) ودعاني لمكتبه، وذهبت ورأيت السفن الموجودة بالميناء ولم أجد بينها الحفار، وفي مــ.ـــرة أخري ذهبت لأحد الموانئ وقلت إني مندوب لشركة مصايد أعالي البحار وأبحث عن ميناء لتدخل فيه سفننا فكانوا يجعلونني أرى الميناء بكل مناطقه».

توجه «عطية» إلى مدينة «لاجوس» النيجيرية، ومنها انتقل إلى «أبيدجان» بساحل العاج التي بها السفير المصري إحسان طلعت ضابط البحرية السابق، وخلال إقامته هناك اكتشف أن الحفار موجود بالميناء هناك.

فور علمه بمكان «كينتنج 1» أخبر السفير بحقيقة مهمته، بجانب ما يقوم به الضابط محمد نسيم في سبيل البحث عن الحفار، ليكتشف أنه وصل قبله إلى ساحل العاج.

Image result for ‫حفار أبيدجان‬‎

في نفس اليوم رأى «عطية» ضرورة تفجــــ.ــــير الحفار لانشغال أفراد الشرطة العاجيين بزيارة رائد الفضاء الأمريكي «آلان شبرد»، بجانب وصول 3 مجموعات من أفراد العملية إلي أبيدجان ومعهــــ.ــم الألغـــ.ــــام.

Image result for ‫حفار أبيدجان‬‎

لجأ «عطية» بعد مشاورات مع محمد نسيم إلى تنفيذ الخطة البديلة الثانية المتمثلة في إقامة حفلة ماجنة على يخت، ويروي: «أحضرنا خمـ.ــــور وسيدات في الحفل للتمويه على العمل، وأبلغت المجموعة أن المهـــ.ـــــمة ستتم اليوم».

بدأت المجموعة في تجهيز الألغام وذهبوا إلي الميناء في سيارة ومعـــــ.ــــهم الألغـــ.ـــام في الساعة الخامسة فجـــ.ـــــر يوم 7 مارس 1970: «كان الضفادع يرتدون ملابس الغوص وفوقها الملابس المدنية، وبدأوا في النزول إلي المياه للسباحة حتى مكان الحفار وقاموا بتلغــــ.ــــيمه وضبط توقيت الانفـــ.ــــجار على الساعة الثامنة صباحا، آنذاك حجز لنا محمد نسيم على الطائرة التي تغـــــ.ــــــادر أبيدجان في الساعة الثامنة والثلث ليضمن سفرنا قبل أن ينتبه أحد إلينا وقبل غلق المطار».

وتابع: «كان المفترض أن أظل أنا وخليفة جودت على رصيف الميناء في مكانين متباعدين حتى يرجع الرجال، وكان خليفة يمسك في يده ببطارية ليوجه ضوءا يهـــ.ــــتدي على أثره الرجال إلى طريق العودة».

Related image

عاد «عطية» والرجال إلى الفندق وتوجهوا بعدها إلى المطار، وحضر محمد نسيم لتوديعهـــ.ـــم، ورفع أصابعه الثلاثة أثناء رحيلهم في إشارة منه إلى أن الـ3 ألغــــ.ـــــام انفـــــ.ـــجروا.

يردف «عطية»: «أرسلت المخا  برات مجموعة من بينهــ.ـــــــم خليفة جودت لكي يروا الحفار لأنه لم يغــــ.ــــرق غـــ.ـــرقا كاملا، ولكي يكملوا العملية إذا كانت تحتاج للإكمال، فوجدوا الحـــ.ــفار موجودا بالحوض الجاف يُباع على أنه خردة».

بعدها كر مهم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مانحا إياهم وسام النجمة العسكرية، أعلي وسام مصري آنذاك، وحينما تولى مكانه محمد أنور السادات الحكم كرم «عطية» من جديد حينما علم بالعملية، ورقّاه إلى رتبة مقدم.

المصدر المصري اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى