عرف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بأنه رجل بلا نزو ات، ســ.ــرقته السياسة ولم يكن لديه وقت يعطيه لمتعته الشخصية، ولم تذكر قصة بشأنه حول لهو أو لعب أو أي مظهر للاستمتاع بالحياة، بعكس ما اشتهر به كبار قيادات ثورة يوليو، إلا أن قصة يعرفها القليل وثقها المؤرخ والمحقق الناصري شفيق أحمد علي، تؤكد أن «الزعيم» اهـــ.ــــتز قلبه قبل زواجه من السيدة «تحية»، وكانت قصة أليـــ.ـــمة عاش فيها بكل جو ارحه.
بدأت القصة عندما رأى الشاب جمال عبد الناصر فتاة، في حفل مدرسة النهضة الثانوية الذي يقام مـــ.ــرة واحدة كل عام، فنما الحب في قلبه، لكنه لم يستطع أن يتقد م لها إلا بعد أن يكمل دراسته ويعمل ويستطيع أن يقف على أرض ثابتة حتى تقبله أسرتها.
يكشف شفيق أحمد علي في كتابه «المــ.ــرأة التي أحبها عبد الناصر»، خطابا أرسله عبد الناصر لأقرب أصدقائه حسن النشار بتاريخ 28/5/1939، يقول فيه بعد مقد مة يعتذر فيه عن خلفه لميعاد كان بينه،ما: «أظنني قلت لك بأنني عزلت إلى شارع زغلول بالضاهر، وبينما أتجول في أحد الأيام وجدت سين هانم وطبعا أظنك تقدر تعرف إيه اللى جري لي في تلك الساعة، ومن يومها وأنا أبحث عن منزلها في المنطقة حتى عثرت عليه أخيرا بعد جهد وهو يقع في شارع الخليج أمام سينما فكتوريا».
ويكمل في الرسالة: «وبما أنع عندي عمل بعد الظهر في يومي السبت والثلاثاء، فإنني أمتع نظري باقي أيام الأسبوع، ويشهد الله بأني لم أحاول تتبعها ولا معاكستها، حتى أنزه نفسي عن عبث الشباب الحديث، وحتى لا يقال عنها القيل والقال، وأظن أن هذا يا أستاذ ما عاقني عن السؤال عنك ولا مؤاخذة، وإن شاء الله أقابلك قريبا، وتشوف مين فينا يغلب التاني ويجيب الحق عليه»، ويستطرد: «قد سألت عنها فعرفت أنها في مدرسة الفنون الطرازية بشبرا وأن لها أختان أكبر منها، وأنها لا يمكن زواجها إلا بعد زواجهما، وإني أعمل كل جهدي الآن حتى أنقل لمصر.
وعشمي أن يصلني منك جواب على ســــ.ـــلاح الإشارة قريبا، وإن شاء الله بعد الامتحان بتاعك سأضـــ0ــــايقك من الزيارات، وسلام إلى الوالدة والسيد الوالدة والإخوة طبعا، وتقبل سلام وقبلات».
كان حبه عفيفا، من بعيد لبعيد، لم يتخلله أي شيء ثان، سوى نظرات خا طفة ولهـــ.ــيب مشـــ.ــتعل في قلبه، لكن هذا الحب لم يكتمل، رغم صبره الطويل، حيث تقدم لها بعد دخوله الكلية الحـــ.ــربية.
وطلب من والدة صديقه حسن النشار، والتي تدعى «نينة وهيبة»، أن تتوسط له عند أسرة هذه الفتاة، ولكن الصد مة صفعته، عندما رفضه أهلها بحجة أنها ما زال طالبا وليس لديه مال، كما أن تقاليد الأسرة لا تسمح بأن تخطب ابنتهما الصغيرة قبل الأخت الكبرى.
وتلقى «ناصر» الصد مة، لكنه أيقن بأن هذا الحب ضاع، خصوصا عندما انشغل في كليته وبالعمل السياسي، إلا أن هذا الحب العابر، بقى في قلبه حتى آخر أيامه.
يقول شفيق أحمد علي في كتابه: «توفيت هذه الفتاة عام 1970، وكانت جنازتها توافق يوم 17 مايو من هذا العام»، ويحكي شفيق القصة كما رواها له حسن النشار: «قال لي النشار إن جمال عبد الناصر حضر الجـــــ.ـنازة، وهو يضع على عينيه نظارة سوداء حتى لا يراه أحد، في لقطة تشبه بلقطات السينما، بسيارته الصغيرة، وكان يسير بها خلف الجــ.ــــنازة، دون أن يشعر به أحد، فيفــ.ــــسد عليه جلال اللحظة، لحظة وفائه للأمس، وإخلاصه للحاضر ووداعه الأخير للمرأة التي خفق لها قلبه زمان ولم يحـــ.ــدث نصيب».