شهدت مسرحية ريا وسكينة كواليسًا لا يعرفها الكثيرون، وإذا صح الأمر هى لم تكت كواليس ـفقد حدثت أمام الجماهير، وسمعت بها المسارح المجاورة، فقد كان الفنان حمدي أحمد هو من يقوم بدرو الشاويش عبدالعال قبل أحمد بدير، ولكنه لم يستمر سوى 8 أشهر بسبب موقف بينه وبين الفنانة شادية.
عاوزين تعرفوا الحكاية ومن قالها ولمن؟! للدلوعة! نعم هى رحمها الله ورغم أنى أرفض استخدام مثل هذه الصفات خاصة لمن توفاهم الله وليسوا بيننا إلا أن موقفها هذا ثبت حقا أنها كانت الدلوعة والغندورة وصاحبة الأمر والنهي كمان على خشبة المسرح فى أول وأخر مره وقفت عليها عندما قدمت مسرحية ريا وسكينة عام 1980.
أتذكر المسرحية جيدًا رغم أن عمري حينها كان سنوات قليلة، وقتها أحضرها لنا أبى في البيت على شريط فيديو VHS تقريبا عام 1985 ، وكنا الوحيدين فى عمارتنا الذين نمتلك جهاز فيديو وكانت ليلة وسهرة تحاكوا عنها الجيران لأن بابا وصل كابل بسلك طويل ليمده بالطابق الأسفل عند جيراننا ليشاهدوا معنا المسرحية هم ومن دعوهم من الجيران وكان أبطالها الفنانة شادية والفنانة سهير البابلى والفنان عبد المنعم مدبولى وأحمد بدير.
بالصدفة وأنا باتفرج على فيلم عفريت مراتى الذي قامت ببطولتة أيضا الفنانة شادية عام ١٩٦٨ وشاركها البطولة صلاح ذو الفقار وعادل إمام وأخرجه فطين عبد الوهاب، وتحديدًا فى المشاهد التى قامت فيها شادية بدور ريا عندما أتتها الحالة، وقتها دققت فى ملامحها وتعبيراتها هى نفسها لم تتغير عن تعبيراتها عندما قتلت أمونه زوجة أبيها على خشبة المسرح في ريا وسكينة.
بحثت عن تفاصيل ونيتى أعمل شيء عن دور شادية كريا وفرق ١٢ عام بين الفيلم والمسرحية، ففوجئت أن الفنان حمدى أحمد هو المشخص الأول لدور عبد العال والذى اشتهر فيه أحمد بدير وهو دور الشاويش أومباشا عبد العال الجرجاوى عوف عبد العال “طويل التيلة” كما أطلقت عليه سهير البابلى فى إحدى المشاهد التى جمعتهم معا بالمسرحية.
نعود للعبارة التى كانت السبب فى قلب الترابيزة على حمدى أحمد أفكركم بها “على إيه كل دا خلصينا بئا” حاسين بإيقاع الجملة ومدى انسيباتها وكأنها طلقة رصاصة من سلاح محرم استخدامه أطلقها غشيم فصابته، عندما قالها لشادية أثناء انحنائها لتحيي جمهورها الذى ظل يصفق لها أكثر من عشر دقائق، انتظرت شادية حتى أسدل الستار وأقامت قيامته بدأت بعتاب لكن للأسف لم يجدي نفعًا معه، وساق فيها، وهو الأمر الذي لم يعجب شادية، وأصرت على عدم استمراره في المسرحية، وهو ما رحب به، لكن المخرج حسين كمال ترجاهما أن ينتظرا حتى يعود الفريق المسرحى من جولته بالدول العربية التى استمرت عرضها لأربع سنوات.
لم يصمد حمد أحمد معهم أكثر من ثمانى أشهر خاصة بعد كثرة التصريحات هنا وهناك، وهو صراحة “مكنش بيقصر وبيناوشهم وما بيعديش الماء من تحت كعابهم” فمثلا مدبولي معروف بخروجه عن النص والكلام دا مبينفعش مع حمدي، وعليه بدأ مدبولى يعلق “جرا إيه يا أحمد مبتضحكش ليه على إفيهاتى وتحرجنى مع جمهورى”، فيرد حمدى “أنا مش شايف حاجة تضحك أنا شايف حاجة تقرف”.
كانت مشادة سمع بها المسارح اللي جنبهم لحد ما تدخل مطبطباتى ونصح أحمد بأن يضحك ويعديها وخلاص فسمع الكلام وضحك قام ساق فيها مدبولى بتضحك على إيه يا طويل يا أهبل بخروج أخر عن النص فاستشاط حمدي “أنا رجل محترم ونائب فى البرلمان احترموا نفسكم وطلع اللي جواه من غير ما ينتقى كلمة واحدة أنت كذا وكذا”، فيرد مدبولي “أنا مدبوليزم مدرسة الكوميديا” فيرد عليه “أنت اللي خربت الذوق العام” وما أن انتهى مدبولي حتى قالت له ريا أمام الجميع “طز فيك، من إنت”، اتحول بين ريا وحسب الله للشابة ذات نفسها ويسكتوا على كده طبعا لا تدخلت سكينة أو سهير وقعدت تنفخ فى النار حين أشارت فى عدة لقاءات إلى أن المسرحية أصلًا قامت على وجود اسم شادية وتاريخها الفني وجمهورها ولو على حمدى أحمد يضايق ولا يتفلق.
هذه كانت كواليسنا لعمل مسرحى جميل استمتعنا بمشاهدته والأكبر عمرًا استمتع أكتر بحضوره بالمسرح والفن مثله مثل أي مهنة فيها منافسات وتكتلات ومواقف ونفسنة، والبقاء لمن يستطيع استقطاب أعلى للجمهور سواء بالمشاهدة أو التصفيق الذي كان بوابة خروج حمدى أحمد، وبعدها انضم لهم حسين الشربينى بس معجبهمش وخرج هو الآخر، ولكن أحمد بدير صمد وكمل وعرفنا كلنا عبد العال من خلاله.
ريا وسكينة عمل مسرحى أثار ضجة كبيرة رغم أن العشرة أيام الأولى من عرضه شهدم عدم حضور جماهيري، فقد ظن الجمهور أن شادية ليست بالمسرحية كما يقولون فاضطر المنتج سمير خفاجى عمل إعلان تليفزيونى يعرض فيه بعض المشاهد لشادية، وبعدها امتليء المسرح بنسبة ١٠٠٪ من أجل مشاهدة الفنانة شادية صاحبة الـ١٠٠ فيلم للمرة الأولى على خشبة المسرح.