المكان نفسه كان يقصده بحثًا عن عمل، لكن القدر كتب له أن يدخله في اليوم ذاته جثة؛ هكذا كُتب أهم سطر في قصة أحمد مبروك، الشاب الذي توفي اليوم الإثنين، متأثرًا بإصــ ــــــابة أحدثها سقوطه هــــ ــــــــربًا من قطار “كفر الزيات – طنطا”، بعد مشـــ ـــــاجرة مع كمسري القطار ورفضه دفع غرامة تدخين.
“حبيبي يا أحمد.. خرجت تجيب لقمة عيش بالحلال ورجعت لنا ميت” كلمات بالكاد أخرجتها شقيقة أحمد الكبرى، التي افترشت ووالدته باب مستشفى المنشاوي العام في طنطا، في انتظار خروج جثمانه، بعد أن أمرت النيابة بالتحفظ عليه للتشريح.
أحمد -كما تروي شقيقته- عمل ممرضًا بعقد في مستشفى السلام في مدينة كفر الزيات، لكنه كان دائم البحث عن فرصة أفضل يجني منها “المال الحلال”، فقرر وبعض من أصدقائه التوجه إلى مستشفى المنشاوي في طنطا، لعرض خدماته التمريضية أملاً في تعيين.
استقل أحمد مبروك قطار “كفر الزيات – طنطا”، في حدود الساعة الثامنة صباحًا، وأثناء مرور ملاحظ القطار وجده يُدخن سيجارة، فتوجه إليه وطلب منه دفع غرامة 100 جنيه، وهو الأمر الذي رفضه أحمد، ورد عليه: “ما عيش فلوس عشان ادفع الغرامة”.
أطفأ أحمد سيجارته واستدعى الملاحظ كمسري القطار، الذي أصر على تغريم الشاب وتحرير محضر له في محطة قطار طنطا، بعد تطور الأمر بينهما إلى مشاجرة بالأيدي. ومع هذا الإصرار من الكمسري والملاحظ على تحرير المحضر، قفز أحمد هـــــ ــــــــربًا من المساءلة أثناء تهدئة القطار، ما أسفر عن إصــــــــــــ ابة أودت بحياته.
الأمر كله لم يكن قابلاً للاستيعاب ولا تصدقه إلى الآن أسرة الشاب، التي توجهت إلى مستشفى المنشاوي العام، وانتظرته بينما كان يتلقى العناية اللازمة داخل العناية المركزة لبضع ساعات قبل أن تُعلن وفاته، ونُقله إلى المشــــ ــــــرحة.
أحمد لديه شقيق أكبر يعمل حاليًا في ليبيا، وشقيقتين آخرتين هو لهما “السند ورجل البيت”، كما تقول شقيقته، التي أضافت: “كنا في المرحلة الأخيرة من إنهاء إجراءات خروجه لكننا أبلغنا من المستشفى بقرار النيابة التحفظ على الجثمان لحين التشــ ــــــــريح.. مش عارفين ناخد جثة أخويا عشان ندفنه.. مش كفاية اللي حصل”.
وكان متولي أبو رية، مدير مستشفى المنشاوي العام في طنطا، كشف أن النيابة أخطرتهم بالتحفظ على جثــــ ـــــمان أحمد مبروك، فيما أوضح التقرير المبدئي بحالته أنه عانى غيبوبة عميقة، مع اتساع بؤبؤ العينين، بينما كانت علاماته الحيوية غير مستقرة، فضلاً عن الاشتباه بكسـ ــــــــر في الجمجمة، ونزيف بالمخ، وجروح قطعية وسحجات وكدمات متفرقة بالرأس والجسد، نُقل إثرها إلى العناية المركزة باطنة طوارئ، ووضع على جهاز التنفس الصناعي، حيث توفي لاحقًا بعد فشل إنقاذه.