على وسائل التواصل الاجتماعي، اقتنص المقطع المصور آلاف المشاركات والتعليقات التي تحتفي بذلك العمل الإنساني النبيل، لكن بطله، ياسر أحمد، لم يكن يعلم عن الأمر شيئا.
وصلته مكالمة تليفونية من زميل له بمدرسة البطل علي عثمان الابتدائية في سوهاج، يدعوه لمشاهدة “الفيديو” الذي صوره له، ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي، ليتفاجأ معلم التربية الرياضية بذلك الامتنان الكبير الذي حصده في تلك المرة، وهو الذي اعتاد أن يُشرك ذوي القدرات الخاصة مع زملائهم بالأنشطة الرياضية خلال مسيرة تعليمية امتدت لحوالي 29 عامًا.
كانت حصة المُعلم الأولى، منذ بدأ العام الدراسي، اجتمع أحمد بتلاميذه في ساحة ألعاب المدرسة الابتدائية، ليلاحظ مع الدقائق الأولى انزواء طالب من ذوي القدرات الخاصة بعيدا عن زملائه، فالطفل الجالس على كرسي متحرك يعاني ضمورًا في العضلات، بينما يكسو الحزن وجه البريء في تلك اللحظة، ليحول الرجل شعوره إلى فرحة، واحتفال مقدم له من زملائه.
نظم المعلم مسابقة جري بين طلاب السنة الثالثة الابتدائية، تراص جميع الأطفال صفا واحدا، بينما وقف أحمد خلف الكرسي المتحرك، يمسك بزمامه، ليبدأ سباق الجري، ويدفع المعلم تلميذه المصاب بالضمور نحو المقدمة، وسط ضحكات متواصلة تخرج من الطفل، وتصفيق من زملائه وشكر منهم لمعلمه، هز ساحة مدرسة البطل علي عثمان في سوهاج، يقول أستاذ ياسر لمصراوي بصوت يسكنه الفخر.
لم يكن الموقف عابرا في علاقة المعلم بتلميذه، قويت العلاقة بين أحمد والطفل صاحب القدرات الخاصة، لا يفوت التلميذ يوما إلا ويلتقي به ليعبر له عن شكره، يعتقد المُدرس أن فعلته، رغم بساطتها وتواضعها، لها عظيم الأثر في نفس الطفل المصاب، كما في طريق علاقته بزملائه في الفصل والمدرسة، لم يعد يحس الطفل أنه وحيد، على العكس تماما، يحصد الطفل حبا من كل زملائه، ومشاركة منهم له في كل النشاطات.
لم يكن أحمد يعلم أن هناك من يصور فعلته، تفاجأ بالأمر، وبالإشادة التي تلقاها من زملائه في المدرسة، وجيرانه في مدينة سوهاج، رغم ذلك، لا يحس صاحب الـ49 عاما بأن هناك ما يستحق الإشادة، مُدرس التربية الرياضية اعتاد الأمر، كرره في كل المدارس التي خدم فيها طوال مسيرته التعليمية، لكنها المرة الأولى التي يتلقى فيها تكريمًا من وزارة التربية والتعليم، يمتن لذلك، ويتمنى أن يكون مردود ما جرى إيجابيا؛ في طريق تعاطي المجتمع مع ذوي القدرات الخاصة، وخطوة نحو مزيد من الإجراءات التي تسهم في دمجهم بالمجتمع.